سامي عبدالرؤوف ( دبي )

أكد عبدالله علي بن زايد الفلاسي، المدير العام لدائرة الموارد البشرية بدبي، أن سوق العمل العالمي في المستقبل يتطلب مجموعة من المهارات والتخصصات، 80% منها وظائف هندسية دقيقة، ونحو 20% وظائف إدارية، مشيراً إلى أن التخصصات تتركز على الهندسة بفروعها كافة، مثل: الكهربائية، والإلكترونية، وبرمجة الحاسوب، والطب والتمريض، والطاقة المتجددة، وعلوم الأرض، وتخصصات البيئة والمياه، والتدريس، بالإضافة إلى التخصصات المصرفية، والتسويق. ودعا إلى ضرورة أن تتمتع الكوادر بمهارات متعددة لا تقتصر على التخصص فقط، مثل الإدارة والقيادة والتواصل، مشيراً إلى أن العالم يشهد تطورات جذرية ومتغيرات متسارعة نتيجة التطورات التكنولوجية.
وقال الفلاسي في حوار مع «الاتحاد»: مع دخول الثورة الصناعية الرابعة، والتطورات التقنية الهائلة التي يعيشها العالم أجمع، فإننا نشهد اندثاراً سريعاً للمهارات المهنية، أو تحولها لتصبح غير قابلة للتطبيق أكثر من أي وقت مضى، وأكد أن دولة الإمارات بشكل عام ليست بعيدة عن هذه التطورات، بل هي سباقة للاستفادة من التطورات التكنولوجية وتسخيرها لخدمة الناس، مشيراً إلى قيام دائرة الموارد البشرية في دبي باستشراف مستقبل الوظائف على مستوى حكومة دبي على المدى المتوسط (10) سنوات.

كشف عبدالله علي بن زايد الفلاسي، المدير العام لدائرة الموارد البشرية بدبي، في حوار مع «الاتحاد»، أن دائرة الموارد البشرية في دبي، تضع خططاً واستراتيجيات قصيرة وطويلة الأمد من أجل تأهيل الكوادر المواطنة لوظائف المستقبل، واستقطاب المواهب للعمل في القطاع الحكومي في دبي، وتجرى بحوث ودراسات من أجل وضع الأسس السليمة والواضحة لرسم مستقبل المواهب، وإعداد استراتيجية لاكتشاف واستقطاب المواهب الوطنية والخارجية.
وأشار إلى أن الدائرة تتعاون وتنسق مع الجهات المعنية في دبي، وعلى مستوى الدولة، من أجل إعداد منظومة عمل لرعاية المواهب، تبدأ بالتعرف على هذه المواهب في المراحل الدراسية ثم احتضانها وتنميتها واستخدامها بالشكل الأمثل، وإيجاد السياسة المناسبة لتحفيز الاستثمار في المواهب الوطنية.
وذكر أن التغييرات التي يشهدها سوق الوظائف تهيئ فرصاً وتحديات جديدة للمواهب، متوقعاً أن يزداد الطلب على وظائف تدريب الروبوتات وهندسة الذكاء الاصطناعي ومهن الإشراف ومتابعة أداء أجهزة الذكاء الاصطناعي في العمل وتقييم دقتها ومستوى نجاحها، واستكشاف الأخطاء أو الأعطال الفنية المحتملة قبل حدوثها.
ولفت إلى أن 47% من أنشطة العمل ستكون عرضة للأتمتة بحلول 2020، وسيؤدي هذا حتماً إلى اختفاء الكثير من المهن، فالذكاء الاصطناعي سيؤثر في القوى العاملة في أنحاء العالم، وسيقضي على مهن ويوفر مهناً أخرى مختلفة تماماً، وفقاً تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي.
وفي البداية، تحدث الفلاسي، عن أسباب التحولات التي تطرأ على سوق العمل بالدولة، مشيراً إلى أن العالم يشهد تطورات جذرية ومتغيرات متسارعة نتيجة التطورات التكنولوجية، وامتداد ثورة المعلومات والاتصالات إلى أنحاء العالم، ما أدى إلى إحداث تغييرات في الفكر والمفاهيم الاقتصادية وأساليب ووسائل العمل والإنتاج، وبالتالي حدوث تغييرات في سوق العمل.
وذكر أن دولة الإمارات بشكل عام ليست بعيدة عن هذه التطورات، بل هي سباقة للاستفادة من التطورات التكنولوجية وتسخيرها لخدمة الناس، ومثال على ذلك دبي التي شهد العمل الحكومي فيها تقدّماً وتطوّراً ملحوظاً انتقالاً من الحكومة الإلكترونية ووصولاً إلى الحكومة الذكية، ومن ثمّ الوصول بدبي إلى مرحلة أذكى مدينة في العالم، وهذا بالطبع سيكون له تأثير كبير على سوق العمل.
ولفت إلى أن الاقتصاد اليوم مفتوح لا اعتبار فيه للمسافات، وتتغير فيه المهن بسرعة كبيرة، ما جعل قضايا التشغيل ضمن أكبر التحديات في الوقت الحاضر وستبقى من رهانات المستقبل، وهذا يفرض على الحكومات مواكبة المتغيرات والتأقلم باستمرار في مجال تنظيم سوق العمل.
وحول نوعية وأبرز المهارات المستقبلية التي يحتاج إليها الموظفون في القطاع الحكومي المحلي بدبي، أجاب الفلاسي: «مع دخول الثورة الصناعية الرابعة، والتطورات التقنية الهائلة التي يشهدها العالم أجمع، فإننا نشهد اندثاراً سريعاً للمهارات المهنية، أو تحولها لتصبح غير قابلة للتطبيق أكثر من أي وقت مضى».
وأضاف: «من المتوقع زوال العديد من المهارات مع مرور الوقت، ما يعني ضرورة سعي الأفراد بشكل حيوي لتكييف معارفهم ومهاراتهم وجعلها متوافقة مع الواقع القائم، ومع المتغيرات التي تشهدها القطاعات المختلفة، يفترض بالمؤسسات الضخمة أن تبذل جهوداً واسعة لمواكبة التغيير وضمان تجهيز القوى العاملة وإعدادها لمواجهة التحديات التي ستفرضها التحولات المستقبلية».
وكشف أن سوق العمل في المستقبل يتطلب مجموعة من المهارات والتخصصات، 80% منها وظائف هندسية دقيقة، ونحو 20% وظائف إدارية، وهذا على المستوى العالمي، وتتركز هذه التخصصات على الهندسة بفروعها كافة، مثل: الكهربائية، والإلكترونية، وبرمجة الحاسوب، والطب والتمريض، والطاقة المتجددة، وعلوم الأرض، وتخصصات البيئة والمياه، والتدريس، بالإضافة إلى التخصصات المصرفية، والتسويق.
وأشار إلى أن الدائرة نظمت لحكومة دبي مختبر مسرعات الموارد البشرية بمشاركة مختصين في الموارد البشرية وخصصت أحد محاور المختبر لاستشراف المستقبل، وناقش فريق العمل المشارك في هذا المحور مسألة تحديد الوظائف والكفاءات والمهارات المستقبلية من خلال التخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة.
وأشار إلى أن الدراسة تطبق خطوات ومنهجية جامعة هيوستن لاستشراف المستقبل، مثل: وصف المجال، التقييم الراهن، السيناريو الأساسي والمرجعي للمستقبل، الإمكانات البديلة للمستقبل، المستقبل المنشود، المناقشة والتحليل، المؤشرات المتقدمة والمتوافرة من نتائج الدراسة.
ولفت إلى قيام دائرة الموارد البشرية لحكومة دبي، بورش عمل لاستشراف المستقبل بمشاركة طلاب جامعات تم اختيارهم بهدف الحصول على أفكار ومقترحات مبتكرة، ووجهات نظر مختلفة لإثراء النقاش والحصول على نتائج إيجابية فيما يخص احتياجات سوق العمل المستقبلي، وعملية توطين الوظائف في دوائر حكومة دبي.
وتطرق إلى إطلاق الدائرة العديد من البرامج لتأهيل موظفي حكومة دبي لشغل وظائف المستقبل، منها «برنامج بناء»، الذي يقدم منحاً دراسية سنوية للحصول على الماجستير بالتعاون مع كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، والتعاون مع محاكم دبي فيما يخص بعض طلبة دراسة القانون في المملكة المتحدة، وبرنامج الإرشاد المهني «حلمي».
وأوضح الفلاسي، أن التحديات هنا مقصود بها المتغيرات الداخلية والخارجية التي تؤثر على إدارة الموارد البشرية، لاسيما المتغيرات في المجالات التكنولوجية والاجتماعية والثقافية والقوانين والتشريعات الحكومية ذات الصلة بقطاع الموارد البشرية، وتبقى مسألة تأمين العدد الكافي من فرص العمل من أبرز التحديات التي تواجه إدارات الموارد البشرية، إلى جانب النقص أو الضعف في المهارات وكيفية التغلب عليها.
ولفت إلى أن هناك كذلك التحديات المتعلقة بمهارات الموظفين، إذ يتعرض سوق العمل للتغيير نتيجة الانفتاح الاقتصادي، ما يستدعي التطور والتغيير المستمر في أنواع النشاط الاقتصادي، وبالتالي فإن الأمر يتطلب توافر موارد بشرية وقوى عاملة تتسم بالمرونة، وتمتلك قاعدة عريضة من المعارف والمهارات لمجاراة التطور في سوق العمل.
وقال الفلاسي: «من التحديات كذلك احتياجات وتوجهات سوق العمل، إذ يعد سوق العمل أحد المؤثرات البيئية المهمة على مدى إمكانية المؤسسات وقدرتها على توفير احتياجاتها من الموظفين، فالمنظمات بمختلف مستوياتها تمر بحالة تغير مستمرة، وهذا يتطلب موظفين لديهم المرونة والقدرة على التغيير والتجاوب مع المتطلبات الجديدة».
وأضاف: «هناك أيضاً تحديات متعلقة بإدارة ومقاومة التغيير، فبيئة العمل شديدة التغير والحركة تحتم ضرورة قيام المؤسسات بتدعيم قدرتها على إدارة التغيير وتحسين القدرة على التغيير من خلال الاستخدام الأمثل لتقنيات وخبرات إدارة الموارد، وتوظيف أفراد يتسمون بالمرونة والقدرة على التنبؤ بالمتغيرات».
وأكد أن العالم على أعتاب مرحلة جديدة، تتحول فيها الحكومات من إلكترونية إلى ذكية، توفر خدماتها عبر الهواتف المحمولة، ويتم فيها الاعتماد أكثر وأكثر على تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.
وقال: «مع دخول الثورة الصناعية الرابعة، فإن القطاعين العام والخاص يسعيان لتوظيف أشخاص يمتلكون كفاءات عالية من أجل تحقيق النجاح الذي أصبح لا يعتمد في اختيار الكفاءات على الدرجات الجامعية فحسب؛ بل بات ينظر إلى المهارات والخبرات التي يتمتع بها المتقدّم للوظيفة».
وأضاف: «بالطبع فإن درجة أهمية المهارات المطلوبة للوظيفة تختلف من دائرة إلى أخرى، وذلك بحسب نوع نشاطها، ولكن بصورة عامة، فإن جميع الدوائر والمؤسسات تبحث عن مهارات عدة لابد من توافرها في المتقدم للوظيفة، ومن أهم المهارات المطلوبة، مهارة التعلم والتعليم؛ فالعلم وسيلة التقدم والتطور والابتكار، وينبغي على الموظف أن تكون لديه الرغبة الدائمة والسعي لاكتساب المهارات الجديدة».
وذكر أن من المهارات الضرورية في الوقت الراهن كذلك القدرة على القيادة، فحتى يتمكن الموظف من تحقيق الخطط والبرامج الموضوعة، لابد له أن يمتلك طريقة توجيه وإدارة فريق العمل لديه، وهناك كذلك مهارات التحليل وقراءة البيانات وتتمثل في المهارات الفكرية التي تساعد على تحديد المشكلات، وإيجاد الحلول المتميزة لها.

العنصر البشري أساس التنمية
عن المواصفات الإدارية والفنية اللازمة ليواكب الموظف احتياجات سوق العمل، أفاد الفلاسي، بأن العنصر البشري يبقى هو الأساس في عملية التنمية والتطور في أي دولة، لذلك فكل الأنظار تتجه إليه، ومن هنا يجب على الموظف امتلاك القدرة على التكيف مع متطلبات العمل من أجل تحقيق الاندماج والتقدم في حياته المهنية.
وأكد أن تنمية المهارات أمر شديد الأهمية، فسوق العمل يتطلع لتوافر عمالة تتميز بمهارات ذات سلوك مهني أمثل يتمتع بمهارات إدارية اتصالية مثل: إدارة الفريق، اللباقة، القدرة على الإقناع، الحوار الناجح، ولفت إلى ضرورة تمتع الموظف بمهارات إدارية تنظيمية مثل: إدارة الوقت والإلمام باللوائح والأنظمة الداخلية، بالإضافة إلى مهارات فنية مثل: الإلمام المهني، وتخطي العقبات والأزمات وإدارة المشاكل، والالتزام بجودة العمل، والقدرة على العمل تحت الضغوط، أي أن يتصف بالمرونة، ويحرص على تطوير نفسه باستمرار.

تنمية مهارات الموظفين
بيّن الفلاسي، أنه في ظل المتغيرات الدولية والانفتاح الاقتصادي والتطورات العلمية والتقنية وما يقد ينتج عنها من متغيرات سريعة في المفاهيم، والتقنية التي يشهدها العالم، فقد استشعرت جميع الدول ضرورة الاهتمام بمنظومة تنمية الموارد البشرية وتنمية المهارات، وإضافة مهارات جديدة والتدريب المستمر لمواكبة التطورات السريعة والتكيف مع احتياجات سوق العمل، ومن دون شك فإن التدريب المستمر للموارد البشرية بمختلف فئاتها يعد من أهم مقومات ومستلزمات التطوير وخلق جيل من الكوادر والكفاءات القادرة على مواكبة المتغيرات والتعامل مع التكنولوجيا الحديثة.
وأكد الفلاسي أن هذا الأمر يتطلب بذل المزيد من الجهود في تنمية وتطوير منظومة التدريب المهني على مختلف الجوانب والمستويات، وإدراج هذه القضايا ضمن السياسات والخطط والبرامج والتوجهات الواجب اتباعها من قبل الدوائر والمؤسسات.

تمكين رأس المال البشري
وحول سبل التعامل مع التحديات التي تواجه قطاع الموارد البشرية في دبي، وإيجاد الحلول المناسبة لها، أفاد الفلاسي بأن دائرة الموارد البشرية لحكومة دبي أطلقت «مركز بحوث ودراسات الموارد البشرية»، الذي يعد الأول من نوعه في المنطقة المتخصص بالموارد البشرية، بهدف تمكين رأس المال البشري، وإعداده للمستقبل بما يدعم أجندة إمارة دبي واستراتيجيتها 2021.
وأوضح الفلاسي أن المركز يهدف كذلك لتحقيق أفضل الممارسات الدولية في قطاع الموارد البشرية من خلال تقديم حلول قائمة على الدراسات والبحوث العلمية في مجال الموارد البشرية، وتزويد متخذي القرار بنتائج البحوث، لتكون قراراتهم مبنية على أسس علمية، وتعزيز الدور الطليعي للموارد البشرية لحكومة دبي.
وأكد أن هذا المركز سوف يستفيد من الثورة الصناعية الرابعة ويسخر تقنيات الذكاء الصناعي، وذكاء الأعمال، في تطبيق نتائج الأبحاث تماشياً مع استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، ورؤية حكومة دبي في هذا المجال، بهدف الارتقاء بالأداء الحكومي، وتسريع الإنجاز وخلق بيئات عمل مبدعة ومبتكرة ذات إنتاجية عالية.

مختبر مسرعات الموارد البشرية
ذكر الفلاسي أن حكومة دبي ممثلة في دائرة الموارد البشرية، قد استشعرت أهمية تنمية وتطوير العنصر البشري، وأهمية التعلم المستمر فأولت مسألة التدريب أهمية كبرى، وأفاد بأنه خلال مختبر مسرعات الموارد البشرية ناقش المشاركون مسألة تدريب موظفي حكومة دبي وتعزيز مهاراتهم، وكان من نتائج هذا المختبر قيام دائرة الموارد البشرية لحكومة دبي بتوقيع مذكرات تفاهم مع عدد من دوائر حكومة دبي وجهات خاصة، بهدف التدريب التطويري، التدريب على رأس العمل، وتبادل الخبرات والمعرفة.
كما تهدف هذه المذكرات إلى تدوير الكفاءات المواطنة من موظفي حكومة دبي، وإكساب الموظفين المهارات اللازمة، والحصول على التدريب الذي يحتاجونه من خلال التدريب على رأس العمل، بحيث يتم تدريب موظفي الحكومة في مؤسسات وشركات القطاع الخاص المتميزة من أجل إكسابهم المهارات والخبرات اللازمة.